أمام منزل روميو وجولييت يأكلون لحم الحمير
ايطاليا - العهد - كتب ناصر اللحام في معا - وسط الساحات العتيقة والكنائس المهيبة ذات الجدران التي تشبه حصون الحرب، وامام المنازل التي اشيدت قبل 700 عام، بدأت أمشي بتؤدة تحت الامطار الخفيفة في دياجي الليل البهيم وعلى بلاط مضى على رصفه الف عام تقريبا، صارت الدليلة السياحية فرانشيسكا تشرح لي بحزن كيف جاء الفرنسيون بزعامة نابليون وهدموا تمثال الاسد في ساحة مدينة فيرونا ثاني اكبر مدينة ايطالية!!
سألتها : هل انتي غاضبة ان نابليون احتل مدينتكم قبل مئة وعشر سنين ام انتي غاضبة لان تمثال الاسد قد تحطم ؟ واعتبرت نفسي ذكيا بهذا السؤال فقالت بكل هدوء :بالعكس قصة نابليون ممتعة ومحاولته بسط نفوذه جديرة بالاهتمام ولكن انا حزينة طبعا لانهم حطموا تمثال الاسد الذي كان هنا !!!!!
قلت لها مواسيا وقد صعقتني باجابتها : ولكن لديكم الاف التماثيل عوضا عنه، لا تحزنوا كثيرا – وقد بدا لي هذا الاسد المغدور من خلال الصورة التذكارية للتمثال يبدو اشبه بكلب كبير منه الى اسد.
ونجح امر المواساة وعادت الى بهجتها وقالت هنا كان يسكن دانتي الذي كتب الكوميديا الالهية وهنا دار المجلس البلدي ( اكبر من مقاطعة رام الله 6 مرات ) وهنا استاد الرومان الذي يتسع لعشرين الف متفرج ويستخدم لغاية الان في عروض الاوبرا – كان الاستاد هائل الحجم وعظيم الفخامة واعتق واكبر من المدرح الروماني في عمان 50 مرة تقريبا .
العقل العربي ظل يحكمني ونفسية الفلاح لم تغادرني فعدت للسؤال : وهل انتم غاضبون من موسوليني ؟ ردت على السؤال بسؤال : الفاشي ؟ قلت وانا اظن انها ستبدأ بالحديث عن السياسة : نعم الفاشي . قالت : اعتقد انه بالغ كثيرا في عمل هذا الصرح الضخم جدا جدا للجندي المجهول وسط روما !!! نظرت الى الصرح وفعلا كان شاهقا لدرجة ان الكاميرا لا تستطيع تصويره.
ابتعدت عن الاسئلة السياسية حتى لا تغضب مني، وكم اصابتني القشعريرة حين قرأت اليافطة وقد كتب عليها : منزل جولييت عشيقة روميو ... حثثت الخطى مسرعا للاقتراب من البرندة التي كانت تقف عليها جولييت فوقفت تحتها ( تحت البرندة اقصد ) في الساحة التي بدت لي تشبه ساحة ركب في رام الله.
لم انبس ببنت شفة وشرد عقلي الى مسرحية شكسبير التي كتبها في العام 1595 بعنوان روميو وجولييت .... ومن وراء الدليلة عدت كطفل شقي عدة مرات الى نفس الساحة ووقفت تحت نفس البرندة وانا اسأل نفسي : هنا يموتون من شدة العشق وفي بلادي يموتون من شدة الكراهية !!!
وفي لحظة رومانطيقية بالغة الثراء وقف ناصر اللحام يوازن نفسه... وقف كلوحة سريالية يحمل الشرق على ظهره واسماك المتوسط تسبح في عينيه، ووسط خلجات قلب جولييت ( تبدو جميلة في الصورة ) وتحت ظلال اجراس الكنائس، انتابني شعور بأنني يجب ان اشتري حذاء ايطالي !!! ثم زجرت نفسي على هذه الافكار التافهة وقلت ( انت تقف يا ناصر امام برندة دار ابو جولييت وتفكر في الحذاء ؟؟؟؟ فعلا انك ابن مخيم ومن ثقافة فقر !!! عيش اللحظة عيش اللحظة ).
وبالفعل نجح الزجر معي، ولكن وما ان عدت الى لحظة الحب العذري والهيام البوهيمي سرعان ما قرصني الجوع في بطني فانسللت خانعا مع المرشدة الى اقرب مطعم.
مع الجوع نسيت دم روميو المسفوح على حجر، وعض قلبي على جراح جولييت وقلت ممازحا نفسي ( اليوم معكرونة وغدا حاسبونا ) وهممت اطلب الطعام الايطالي في هذا المكان ' المقدس للعشاق ' .
صاحبة المطعم امراة في اول الاربعينات من عمرها جميلة وصوتها عال وصدرها مكشوف، والمطعم يغصّ بالزبائن النخبويين مثل اعضاء البرلمان والمسؤولين وبدا لي ان السبب هو فخامة المطعم ومكانه في هذا الحي الى جانب بشاشة صاحبة المطعم .
من شدة جوعي نسيت روميو – بل بعته في اول مطعم صادفني، ومع اول جرسونة نسيت جولييت، ولكن الذكرى والحمد لله ظلت موجودة .فنحن العرب اولاد اولاد اصول ونبيع كل شئ – كل شئ الا ثلاثة : الفرس والمرأة وقضية ثالثة جرى شطبها في اتفاقية اوسلو فلا داعي لذكرها الان.
من شدة جوعي ايضا وافقت ان يطلب اصحاب الضيافة وجبة على ذوقهم، وبدأت الاطباق تهل علينا وروائح الطهي بالبهارات تعبق في انوفنا، فزغردت امعاؤنا من الفرح ... وقبل ان التهم اول لقمة لاحظت كلمة (دونكي DONKY )في قائمة الطعام . سألت من تجلس على يميني وانا كلي قناعة ان الامر لا يعدو عن كونه مزحة : ما هذا اللحم الذي تأكلينه ؟ قالت لحم حمار !!!!!!!!!!!! وقلت لمن يجلس على يساري وماذا تأكل انت ؟ فقال لحم خيل !!!!!!!صاحبة المطعم قالت لي بالايطالية وهي تبتسم : امانة أيها الصحافي اكتب بكل طيبة عن اجمل مدينة في العالم ' فيرونا ' وعدتها واوفيت بوعدي، بعد ان تناولت وجبتي من الباذنجان وابتعجت كل كل اللحوم
ايطاليا - العهد - كتب ناصر اللحام في معا - وسط الساحات العتيقة والكنائس المهيبة ذات الجدران التي تشبه حصون الحرب، وامام المنازل التي اشيدت قبل 700 عام، بدأت أمشي بتؤدة تحت الامطار الخفيفة في دياجي الليل البهيم وعلى بلاط مضى على رصفه الف عام تقريبا، صارت الدليلة السياحية فرانشيسكا تشرح لي بحزن كيف جاء الفرنسيون بزعامة نابليون وهدموا تمثال الاسد في ساحة مدينة فيرونا ثاني اكبر مدينة ايطالية!!
سألتها : هل انتي غاضبة ان نابليون احتل مدينتكم قبل مئة وعشر سنين ام انتي غاضبة لان تمثال الاسد قد تحطم ؟ واعتبرت نفسي ذكيا بهذا السؤال فقالت بكل هدوء :بالعكس قصة نابليون ممتعة ومحاولته بسط نفوذه جديرة بالاهتمام ولكن انا حزينة طبعا لانهم حطموا تمثال الاسد الذي كان هنا !!!!!
قلت لها مواسيا وقد صعقتني باجابتها : ولكن لديكم الاف التماثيل عوضا عنه، لا تحزنوا كثيرا – وقد بدا لي هذا الاسد المغدور من خلال الصورة التذكارية للتمثال يبدو اشبه بكلب كبير منه الى اسد.
ونجح امر المواساة وعادت الى بهجتها وقالت هنا كان يسكن دانتي الذي كتب الكوميديا الالهية وهنا دار المجلس البلدي ( اكبر من مقاطعة رام الله 6 مرات ) وهنا استاد الرومان الذي يتسع لعشرين الف متفرج ويستخدم لغاية الان في عروض الاوبرا – كان الاستاد هائل الحجم وعظيم الفخامة واعتق واكبر من المدرح الروماني في عمان 50 مرة تقريبا .
العقل العربي ظل يحكمني ونفسية الفلاح لم تغادرني فعدت للسؤال : وهل انتم غاضبون من موسوليني ؟ ردت على السؤال بسؤال : الفاشي ؟ قلت وانا اظن انها ستبدأ بالحديث عن السياسة : نعم الفاشي . قالت : اعتقد انه بالغ كثيرا في عمل هذا الصرح الضخم جدا جدا للجندي المجهول وسط روما !!! نظرت الى الصرح وفعلا كان شاهقا لدرجة ان الكاميرا لا تستطيع تصويره.
ابتعدت عن الاسئلة السياسية حتى لا تغضب مني، وكم اصابتني القشعريرة حين قرأت اليافطة وقد كتب عليها : منزل جولييت عشيقة روميو ... حثثت الخطى مسرعا للاقتراب من البرندة التي كانت تقف عليها جولييت فوقفت تحتها ( تحت البرندة اقصد ) في الساحة التي بدت لي تشبه ساحة ركب في رام الله.
لم انبس ببنت شفة وشرد عقلي الى مسرحية شكسبير التي كتبها في العام 1595 بعنوان روميو وجولييت .... ومن وراء الدليلة عدت كطفل شقي عدة مرات الى نفس الساحة ووقفت تحت نفس البرندة وانا اسأل نفسي : هنا يموتون من شدة العشق وفي بلادي يموتون من شدة الكراهية !!!
وفي لحظة رومانطيقية بالغة الثراء وقف ناصر اللحام يوازن نفسه... وقف كلوحة سريالية يحمل الشرق على ظهره واسماك المتوسط تسبح في عينيه، ووسط خلجات قلب جولييت ( تبدو جميلة في الصورة ) وتحت ظلال اجراس الكنائس، انتابني شعور بأنني يجب ان اشتري حذاء ايطالي !!! ثم زجرت نفسي على هذه الافكار التافهة وقلت ( انت تقف يا ناصر امام برندة دار ابو جولييت وتفكر في الحذاء ؟؟؟؟ فعلا انك ابن مخيم ومن ثقافة فقر !!! عيش اللحظة عيش اللحظة ).
وبالفعل نجح الزجر معي، ولكن وما ان عدت الى لحظة الحب العذري والهيام البوهيمي سرعان ما قرصني الجوع في بطني فانسللت خانعا مع المرشدة الى اقرب مطعم.
مع الجوع نسيت دم روميو المسفوح على حجر، وعض قلبي على جراح جولييت وقلت ممازحا نفسي ( اليوم معكرونة وغدا حاسبونا ) وهممت اطلب الطعام الايطالي في هذا المكان ' المقدس للعشاق ' .
صاحبة المطعم امراة في اول الاربعينات من عمرها جميلة وصوتها عال وصدرها مكشوف، والمطعم يغصّ بالزبائن النخبويين مثل اعضاء البرلمان والمسؤولين وبدا لي ان السبب هو فخامة المطعم ومكانه في هذا الحي الى جانب بشاشة صاحبة المطعم .
من شدة جوعي نسيت روميو – بل بعته في اول مطعم صادفني، ومع اول جرسونة نسيت جولييت، ولكن الذكرى والحمد لله ظلت موجودة .فنحن العرب اولاد اولاد اصول ونبيع كل شئ – كل شئ الا ثلاثة : الفرس والمرأة وقضية ثالثة جرى شطبها في اتفاقية اوسلو فلا داعي لذكرها الان.
من شدة جوعي ايضا وافقت ان يطلب اصحاب الضيافة وجبة على ذوقهم، وبدأت الاطباق تهل علينا وروائح الطهي بالبهارات تعبق في انوفنا، فزغردت امعاؤنا من الفرح ... وقبل ان التهم اول لقمة لاحظت كلمة (دونكي DONKY )في قائمة الطعام . سألت من تجلس على يميني وانا كلي قناعة ان الامر لا يعدو عن كونه مزحة : ما هذا اللحم الذي تأكلينه ؟ قالت لحم حمار !!!!!!!!!!!! وقلت لمن يجلس على يساري وماذا تأكل انت ؟ فقال لحم خيل !!!!!!!صاحبة المطعم قالت لي بالايطالية وهي تبتسم : امانة أيها الصحافي اكتب بكل طيبة عن اجمل مدينة في العالم ' فيرونا ' وعدتها واوفيت بوعدي، بعد ان تناولت وجبتي من الباذنجان وابتعجت كل كل اللحوم