قُصاصةُ ورقٍ يطلُ منها كأسُ العذاب
أتأملهُ بـ رغبةٍ محمومةٍ
بقايا حروف الأنا من لمحةِ الماضي
أتَجرعه دَفعةً واحدةً ، لــ يُرديني بــ سُمِ الشّوق القاتل
صَريعة تحملُ بصمات القدر عليها
شوقٌ يتلبّس بمرارةِ الفقد على شفاهِ الغربة
يفتحُ صفحة الميلاد لعاصفةٍ من الصورِ العتيقة
فتحتلُ كلَّ مساحات الذاكرة و تأبى أن تغادر لــ زاويةِ النسيان
برقٌ يُضئ بقوةٍ على أستارِ الليل
أصعدُ سُلم الذكرى
يقودني شهيقٌ متحسر يشُق صدري نِصفين
تتبعه زفرةٌ كأنها رجع صدى لبقايا روح
تنتحب لأيامٍ كانت كاللؤلؤ المكنون
أُصغي هنا لدندناتِ صوت أبي الحنون
على وتيرةِ مسافرٌ ذاده الخيال
فأُقبِلُ بشهيةٍ مفتوحةٍ لوجبةٍ دسمةٍ
يقدمها لي على طبقٍ به كل أنواع الفنون
بدءاً بروايةٍ من العيون ثُمّ تاريخٌ به عِبرة
لسياسي فذّ و أخر مجنــــون
كم غرقتُ في ضحكاتي و أنا أراهُ يلبسُ ثوب ما يقرأ
وتبرق نشوة بعيناه حيّن أُبادله الفكر
في رحلةٍ على سفينةِ الوقت ونحن به غارقون
و ترتيلُ أمي بالدعاءِ لي صباحاً يرافقني كالملاكِ الحارس
و أنا أحتضنُ دفاتري بيدٍ غضةٍ صغيرةٍ
أجدني بتلقائيةٍ أُلوحُ لها كما كنت أفعل
و كأني بي نسيت أين أنا و أين هي تكون !
أيا ذياكَ الربيع بلونِ نقائهم على مائدةِ الحب المستديرة
وبدايات الحرف وهو يلثُم شفتي مُتلعثماً بأُولى خًطواته
يشربُ شغف الصفحات البيضاء و مدادها الداكن
من نبع أبي الغزير
آآآه يا أبي
طفلتُكَ اليومَ تحارب أشباح المدينة بقلمٍ مكسور
وأوراق ما عادت ترقصُ عليها نوارسُ البحر و تغرد
ضبابٌ أسود إستعمر لون السماء
و ريحٌ غاضبٌ كسر أجنحتها
و وطنٌ تمزقَ تحت أقدام الغاصبين
وبيّع بمزادِ الأنا البشرية من سنيــن
أحلامٌ أُجهضتْ و هي حُبلى و أسلمت الروح
بفعلِ الإستسلام وهي جنين
و ملأتْ كل أنحاءِ جسدهِ ألغامٌ غادرةٌ تركت أثارها
أشلاءاً مبعثرةً بلا إنتماء
يلُفها ليلٌ طويلٌ وشتاءٌ بارد حزين !
أحتاجُ لحضنك اليوم يا أمي
يُعيدُ لي توازني المفقود ، فأتوشحُ ببقايا عقلٍ
ونصف روح و قلب لا ينبض سوى آهات معذبة
أجاهدُ الوقوفَ
أراني بمرآةِ الواقع فأُبصرُ روحاً تستنجدُ بدفءِ عينيك
التي تركتِها بفعلِ الوراثةِ على عيناي
فتلوحُ لي كالفجرِ الضحوكِ لأمدَ يدي مرتعشةً
أتلمسُ يداكِ ، تهبني الرضا وتهنأ نفسي
ولكن ...
فواصل الزمن تأبى إلا أن تُكشر عن نابها ساخرةً مني
فما أنا إلا بقايا لوطنٍ وحيدٍ
يُنادي في عتمةِ الصحارى القاحلات
و طريقٌ مليء بذئابِ الحنين الضارية تنهش صفاء أيامي
وتنحتها بقسوةٍ ، وشّماً على جسد الغياب !!!